وداعاً نجم الشاشة مدني نعمون (1944-2025)

الممثل القدير مدني نعمون، وجه أحبته الكاميرا واحتضنته الشاشة منذ ظهوره الأول، هو معروف لدى المشاهد الجزائري بتمثيله المتميز وأدائه المتمكن لمختلف الأدوار في المسرح والتلفزيون والسينما.
ولد الفنان مدني نعمون يوم 7 مارس عام 1944 بحي القصبة العتيق، أين ترعرع وكبر، وزاول دراسته حافظاً للقرآن الكريم. كان من المتفوقين في الدراسة، واِتضح له مستقبلاً زاهراً في ميدان المحاسبة، إلا أن حب الفن كان أقوى، فقد اِكتشف موهبته الفنية في التمثيل وهو في العاشرة من عمره.
تفتحت براعمه الفنية مبكراً، وكانت انطلاقته من خشبة المسرح إلى جانب عمالقة التمثيل أمثال محي الدين بشطارزي وعلال المحب الذي رافقه منذ عام 1959 وكان معلمه بمعهد الفنون بالجزائر العاصمة، فعلمه الكثير عن ميدان التمثيل، وساعده على تفجير طاقته وإبراز موهبته الفنية الفذة.
ثم شارك مدني نعمون في الحصص الإذاعية المخصصة بالطفولة إلى جانب رضا فلكي في الإذاعة الوطنية.
كما أنه تفاعل مع الثورة التحريرية، فقد لبى نداء الوطن وعمل على إبراز القضية الجزائرية في فترة حساسة يصعب فيها التحرك بحرية.
عاد إلى نشاطه الفني بعد الإستقلا، مواصلاً تمثيله المسرحي رفقة قامات المسرح الجزائري محي الدين بشطارزي، مصطفى كاتب، وعبد القادر علولة… وشارك في عدة مسرحيات منها “الغولة” عام 1964 و”المحقور” و”إحمرار الفجر” عام 1969… فكوّن لنفسه شخصية مسرحية هامة، صانعاً لنجوميته بين ألمع نجوم الساحة الفنية.
لم يقدم الكبير مدني نعمون أدواراً كثيرة في عالم السينما، فقد مثّل في فيلم “ليلى و الأخريات”، “كنزة” و”أبواب الصمت” للمخرج عمار العسكري عام 1987 .
لكنه تألق أكثر في عالم التلفزيون أين اكتسب حب الجمهور له واحترامه على مدار السنوات، من خلال عدة مسلسلات أشهرها: “شفيقة بعد اللقاء” سنة 2003، “اللاعب” سنة 2004، “الامتحان الصعب” سنة 2006، “وهيبة”… وغيرها من الأعمال التي صنع بها نجوميته في عالم الدراما الجزائرية.
كما أنه أبدع في الكوميديا بأدائه العفوي وإبتسامته العريضة في عدة سيتكومات ومسلسلات كوميدية أشهرها “جحا”، “دار الجيران”، “بابا سليمان”، “عام الباك”… واشتهر أكثر بشخصية برهان في الأجزاء الثلاث للمسلسل الكوميدي “السلطان عاشور العاشر” من 2015 إلى 2021 أين قدم أداءاً رائعاً كسب به حب المشاهدين.
أمتعنا نجم الشاشة مدني نعمون بأعماله وأدواره المميزة على مدار عقود من التألق و الإبداع، وانطفأت شمعته يوم 15 جويلية سنة 2025 عمر ناهز 81 عاماً بعد معاناة مع المرض، تاركاً أثراً طيباً وفناً أصيلاً جميلاً راقياً وملتزماً كسب به قلوب الجماهير على مدار السنوات.


