الشيخ الحسناوي ( 1910-2002 ) فنان جعل من الغربة مصدر إلهام لإنجاح فنه .

تحمل الثقافة الجزائرية عدة أسماء كبيرة خدمت الفن الأصيل أمثال الفنان الشيخ الحسناوي صاحب الكلام الموزون و الموسيقى التي ملكت قلوب الجزائريين .
تحمل الثقافة الجزائرية عدة أسماء كبيرة خدمت الفن الأصيل والكلمة الملتزمة أمثال الفنان الشيخ الحسناوي صاحب الكلام الموزون والموسيقى الهادفة التي ملكت قلوب الجزائريين على مدار السنين والأعوام.
الشيخ الحسناوي أو باسمه الحقيقي محمد خلوات، هو أحد أعمدة الأغنية الجزائرية الشعبية والقبائلية… ولد يوم 23 جويلية سنة 1910 بقرية تاعزيبت بإحسناون ولاية تيزي وزو.
عاش محمد خلوات يتيم الأم التي فقدها وعمره عامين فقط، فتولى والده تربيته ورعايته، وكبر في أحضان القرية تلميذاً في المدارس القرآنية والزوايا… ثم ترك القرية سنة 1930 وهاجر إلى مدينة الجزائر من أجل العمل وبحثاً عن لقمة العيش.
هناك من قال أنه بنى مسيرته الفنية على قصة حب فاشلة، وأيضاً من زعم أن غربته كانت مصدر إلهام له لكتابة الأغاني وتلحينها.
خطواته الأولى في عالم الفن كانت باِنضمامه إلى الفرقة الموسيقية لعميد أغنية الشعبي الحاج محمد العنقة، ليسجل سنة 1936 أغنيته الأولى “أ يما يما” إهداءاً لروح والدته.
وفي العام الموالي، حط رحاله بفرنسا، واستقر في مدينة باريس أين واصل نشاطه الفني من تأليف وتسجيل للأغاني مع إحياء الحفلات في المقاهي والقاعات الفنية بروائعه الغنائية ذات الكلمات الهادفة والمعاني العميقة، والتي تميزت كذلك بألحان شجية تعلق عليه طمأنينة القلب…
كان مصدر إلهام لكثير من المطربين أمثال معطوب لوناس، كمال مسعودي، الحسناوي أمشطوح، وخلوي الوناس.
يحتوي السجل الفني للشيخ الحسناوي على عشرات الأغاني في الطابع الشعبي كأغنية: “أرواح أرواح”، “ساني ساني اتروحض”، “ربي المعبود” ، “اينتاس مادياس”، “أ شيخ أمقران”.. والتي أداها بالقبائلية.
ليبدع كذلك خلال الستينات بأغاني أخرى ناجحة منها رائعة “يا نجوم الليل” التي عبر فيها عن مدى وحشته وبؤسه وهو في ديار الغربة بعيداً عن أهله وأصدقائه، وأغاني أخرى منها “أنا الممحون”، و “رد بالك”، “يا زاهية”.. وغيرها.
وفي سنة 1968 اِنصدم جمهور الشيخ الحسناوي للأبد بسبب قراره المفاجئ في اِعتزال الغناء والابتعاد عن الساحة الفنية بشكل نهائي، ولأسباب مجهولة إلى يومنا هذا.
فهناك من الفنانين من صرح بأن سبب اِعتزاله للغناء هو فساد المجال الفني، وهناك من ربط الأمر بأسباب سياسية أي الأوضاع التي عاشتها الجزائر خلال الستينات، أو ربما لأسباب شخصية مرتبطة بحياته الخاصة .
أما الأمر المثير للاِهتمام هو قراره في العيش في عزلة ووحدة في جزيرة الرينيون التي هي إحدى المستعمرات الفرنسية القديمة في المحيط الهندي شرق مدغشقر، أين قضى بقية سنوات حياته بعيداً عن عائلته وجمهوره وعن الأضواء إلى غاية 6 جويلية سنة 2002 يوم وفاته .
بقلم : يانيس حاجم – Yanis Hadjem