أخبار

القفطان الجزائري.. تراث وتاريخ

من المعلوم أن الجزائر هي أول دولة تُدرج القفطان على قائمة اليونسكو، حيث يتمتع القفطان الجزائري بتاريخ عريق، متأثرًا بالتقاليد الجزائرية والعثمانية وكذلك الحرف اليدوية المحلية في الجزائر، وقد ترسخ في المدن الجزائرية منذ العصور الوسطى. وقد أقرت اليونسكو مكانته ضمن التراث الثقافي للجزائر، وسط نقاش إقليمي حول أصوله.

الأصول والتطور التاريخي
القفطان لباس قديم تعود جذوره إلى بلاد ما بين النهرين والإمبراطورية العثمانية. وقد وصل إلى شمال إفريقيا عبر العثمانيين والتبادل الثقافي. في الجزائر، تطور القفطان وتكيف مع الخصائص الإقليمية:
الجزائر: ينحدر قفطان الجزائر من لباس أقدم يُسمى الغليلة، وهو زي من أصل شامي، يعود تاريخه إلى القرن الرابع عشر الميلادي، وقد تأثر بالثقافات البربرية الأندلسية والعثمانية. أدى هذا التطور إلى ظهور أزياء راقية مثل الكراكو في القرن التاسع عشر.

تلمسان: يُعدّ قفطان تلمسان، الذي يُعرف غالبًا باسم “قفطان العسدر”، قفطانًا قصيرًا نشأ في الأندلس، وهو عنصر أساسي في الشدة، الزي التقليدي للمنطقة.

ازدهرت فنون صناعة القفطان، بما في ذلك تقنيات النسيج والتطريز باستخدام خيوط الذهب والحرير (المجبود والفتلة)، في المدن الجزائرية، ولا سيما الجزائر العاصمة وتلمسان، مما يعكس الهوية المحلية.

نشأت التطريزات الحريرية في مدينة، وكانت تُستخدم في صناعة الأزياء التقليدية وغيرها من المنتجات. وكان ارتداء القفاطين المطرزة بالذهب للنساء جزءًا من المهر في عقود الزواج، إلى جانب الدنانير والأحزمة، وذلك خلال القرن الثامن عشر.

لم يقتصر سحر القفطان الجزائري على الطبقات العليا في المجتمع الجزائري فحسب، بل امتدّ ليشمل سكان مملكة فاس، الذين اتبعوا الموضة الجزائرية السائدة. ولم ينتشر القفطان بين سكان مملكة فاس إلا في منتصف القرن التاسع عشر، بفضل الهجرة الجماعية للعائلات الجزائرية التي لجأت إليها هروبًا من الاستعمار الفرنسي.

شهد تاريخ القفطان الحديث اعترافًا دوليًا. ففي ديسمبر 2025، أدرجت اليونسكو “الأزياء الاحتفالية النسائية في شرق الجزائر الكبير: المعرفة والخبرة المرتبطة بصناعة وتزيين الجندورة، والملحفة، والقفطان، والقات، واللحاف” على قائمتها التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية. وقد أكد هذا الإدراج مكانة القفطان كمكون أساسي وتاريخي للتراث الجزائري، ومصدر فخر وطني.

هل القفطان لباسٌ نسائيٌّ بحت؟

لا يزال الاعتقاد السائد أن القفطان زيٌّ خاصٌّ بالنساء، لكن هذا اعتقادٌ خاطئٌ تاريخيًا. فقد أدخل الرجال القفطان إلى الجزائر. في البداية، كان القفطان الرجالي عبارة عن سترة فاخرة من الديباج أو المخمل بنقوش رائعة، وأحيانًا حتى بضفائر ذهبية لأكثر الملوك أناقة، مثل باي الحاج حسين المعروف باسم ميزومورتو، الذي أمر بصنع مجموعة كاملة من القفاطين خلال فترة حكمه عام 1683. ومع مرور الوقت، أصبح القفطان أكثر شيوعًا، ونتيجة لذلك، ارتدى قادة القبائل الجزائرية هذا الزي مع العديد من اللمسات الشخصية، بما في ذلك أنماط مختلفة مصنوعة بما يسمى تطريز الفتلة أو/و تطريز المجبود، وزخارف محلية مثل الأشكال البيضاوية الموجودة عند مستوى الصدر، والتي تستحضر زوجًا من العيون.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى