فن

إيدير (1945-2020) أيقونة الفن العالمي وأسطورة الأغنية القبائلية

فخر واِعتزاز أن يحمل سجلنا الفني إسماً لامعاً وخالداً نجح في تشريف الجزائر ونشر الثقافة الأمازيغية في كل أنحاء العالم، ليكون لقبه سفير الأغنية القبائلية.. الأسطورة إيدير .


في يوم 25 أكتوبر سنة 1945، بقرية آث لحسن ببني يني ولاية تيزي وزو، ولد حميد شريت وسط أسرة قبائلية متواضعة في جو العادات والتقاليد الأصيلة التي حددت مستقبله في عالم الكتابة والتلحين.

عاش حميد طفولته في القرية، قبل أن ينتقل رفقة أسرته إلى مدينة الجزائر، أين واصل تعليمه ودخل الجامعة متخصصاً في علم الجيولوجيا. كما كان مهتماً بالفن والموسيقى والشعر… فقد كانت اِنطلاقته في عالم الفن مجرد صدفة سنة 1973 في القناة الثانية للإذاعة الوطنية، أين قام بأداء أغنية نيابة عن فنان كان غائباً ذلك اليوم، مغيراً اِسمه الحقيقي إلى ”إيدير”، وقد لفت اِنتباه الجميع بجمال صوته الشجي، وقد كانت البداية لمسيرة فنية طويلة وحافلة بالعطاء و النجاحات.

واصل إيدير العمل والإجتهاد في هذا المجال الحيوي وأطلق أغنية رائعة كانت سبباً في نجاح مساره الفني وشهرته الواسعة في كل أنحاء العالم، بعنوان ”أفافا ينوفا” A Vava Inouva وذلك في سنة 1976.
هذه الأغنية التي كانت جوهرة حياته الفنية، والتي وصلت إلى مختلف ربوع العالم وحقق نجاحاً جماهيرياً ساحقاً منذ إطلاقها، فقد ترجمت إلى العديد من اللغات الأجنبية ورددها العديد من المغنيين العالميين تكريماً لإبداع المبدع إيدير.

قد لا يعلم البعض أن إيدير خلال سنوات نشاطه الغنائي منذ السبعينات أطلق عشرة ألبومات مسجلة فقط، ولكن معظمها ناجحة، فقد تغنى بالغربة ومتاعبها، الهوية، المرأة، وخاصة الثقافة الأمازيغية وأصولها التي عرّفها لمختلف الأجناس بكلمات صادقة وهادفة بعدة أغاني منها: ”أي أزواو”، ”أذرار ئنو” و ”زويت رويت”… فقد استحق لقب سفير الأغنية الأمازيغية في العالم بامتياز.

صحيح أن إيدير لم يغن كثيراً أغاني الحب، إلا أنه كرّم المرأة أحسن تكريم كأم وأخت وزوجة واِبنة… بكلمات وعاطفة صادقة نابعة من قلب صادق، على ألحان طابعه الموسيقي الخاص والذي مزج فيه بين الموسيقى العصرية العالمية والفلكلور معتمداً دائماً على الموسيقى القبائلية التراثية كمرجع أساسي في تلحينه، محافظاً على أصالتها.

حقق الفنان إيدير معظم نجاحاته خارج الوطن، فقد أحيى العديد من الحفلات بروائعه الجميلة في أوروبا وأمريكا وآسيا رفقة نجوم جزائريين أمثال الشاب خالد، و فنانين عالميين أمثال أنريكو ماسياس، فرانسيس كابرل وشارل أزنافور… والقائمة لا زالت طويلة.

ليعود بعد ذلك إلى أرض الوطن بعد ترسيم اللغة الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية، وأطرب جمهوره بعد غياب دام حوالي 38 سنة في القاعة البيضاوية بالجزائر العاصمة سنة 2018 في حفل كبير حمل شعار “إيدير لم الشمل” بروائعه العديدة ”اسندو”، ”يلها وورار”، ”شفيغ أمزون ديضلي”… .

و قبل سنة من ذلك أصدر آخر ألبوم له، والذي يحمل أغاني ثنائية قام بتأديتها رفقة كبار قامات الفن العالمي أمثال شارل أزنافور وماكسيم فوريستيي وغيرهما ممن أدوا الطابع القبائلي في أغاني ثنائية رائعة، تحمل في رسالتها التبادل الثقافي والتعايش بين مختلف أجناس العالم.

اِنطفأت شمعة الأسطورة إيدير يوم 2 ماي سنة 2020 بعد معاناة مع المرض… واِنتشر خبر وفاته بسرعة وهزّ مختلف ربوع العالم، وقد عزى في رحيله العديد من الفنانين العالميين إضافة إلى شخصيات سياسية عديدة ورؤساء دول ومنظمات عالمية. و بذلك تكون الأغنية الأمازيغية الجزائرية قد فقدت أكبر سفرائها في العالم.


بقلم: يانيس حجام – Yanis Hadjem

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى