الفنانة شريفة ( 2014-1926 ) أيقونة الغناء القبائلي و سيدة الأشويق
عميدة الأغنية القبائلية “نا شريفة” قامة من قامات الفن و المعروفة بأجمل أغانيها الملتزمة و المدائح الدينية .
في اليوم التاسع من جانفي سنة 1926 ولدت وردية بوشملال بقرية آيت حالة في جبال بني ورتيلان ببرج بوعريريج ، عاشت حياة قاسية منذ الصغر بين سوء الحظ و المحن … إلا أنها كانت تمتلك موهبة كبيرة غيرت مجرى حياتها ، فقد احترفت الغناء و هي فتاة السبع سنوات .
إكتشف جميع سكان القرية صوتها القوي و العذب في الأعراس و الأفراح أين كانت تؤدي مقاطع أشويق معبرة عن كثير من الأحاسيس ، و لأن الغناء وشمة عار في نظر المجتمع آنذاك الذي يعتبر المغني إنسان منحرف ، قررت شريفة مغادرة قريتها و التوجه إلى العاصمة هروبًا من تهديدات خالها الذي أصر على قتلها بسبب الغناء .
بدأت رحلتها مع الفن و الشهرة عام 1942 ، حيث دخلت الإذاعة الوطنية بالجزائر العاصمة رفقة العديد من المطربات أمثال حنيفة و جميلة ، مغيرة إسمها من وردية بوشملال إلى شريفة ، خوفا من انتشار سمعتها وسط الأقارب و العائلة .
فقد كانت الإنطلاقة بأغنية ” ابقى على خير اي أقبو ” محققة بها نجاحًا كبيراً إلى جانب روائع أخرى نذكر منها : ” الله الله انزور الوالي ” ، و ” سنيوة ذ إفنجالن ” ، و ” ازرزور ” بالإضافة إلى المدائح الدينية التي أبدعت في أدائها رفقة الفرقة النسوية ” تارباعت الخالات ” … لتتربع على عرش الأغنية القبائلية و يصبح لقبها سيدة الغناء القبائلي و الأشويق .
كانت تحيي نا شريفة العديد من الحفلات بروائعها الغنائية التي تحمل في كلماتها رسائل قيمة و آراء و تجارب حياتها القاسية ، مرددة معاناة النساء في المجتمع و تهميش المرأة في عالم قد لا يرحمها .
تعرضت الفنانة القديرة شريفة للسرقة من طرف ذئاب الفن ، فقد استغلوا أميتها كما قالت في أحد اللقاءات الصحفية و سببوا لها العديد من المشاكل في عالم الفن منذ بداياتها الأولى خاصة الضرائب التي كانت تفرض عليها بعد أن شيعت عليها أكاذيب أنها تربح أموالا طائلة من الأعراس و مداخيل الألبومات ، الأمر الذي أرغمها على أن تدفع فاتورة أعمال لم تقم بها …
رغم تقدمها في السن ، واصلت نا شريفة إسعاد جمهورها بالحفلات داخل و خارج الوطن ، و حصلت على تكريمات عديدة كانت تستحقها بجدارة و إمتياز ، فهي فنانة أصيلة و شريفة كسرت القيود رغم ظروف حياتها القاسية و غنت كلمات و ألحان خلدت إسمها في تاريخ الفن الجزائري بصفة عامة و الأغنية القبائلية بصفة خاصة .
توفيت عميدة الأغنية القبائلية يوم 13 مارس سنة 2014 عن عمر ناهز 88 سنة ، و دفنت بمسقط رأسها بالماين ولاية برج بوعريريج .
بقلم : يانيس حجام – Yanis Hadjem