رشيد مصباحي… عملاق الأغنية القبائلية

صوته على وسع المدى، وفنه بشهادة الكثير أصيل… في ربوع مدينة الأصالة نما عشقه للفن والموسيقى، هو الذي أبدع منذ الصغر ميقناً بإصرار كبير حتى حقق حلمه، وأصبح بذلك واحداً من أعمدة الفن والأغنية القبائلية.
بأحد أحياء المدينة العليا لتيزي وزو وبالضبط في “حومة الجامع” ولد رشيد مصباحي يوم 22 جانفي سنة 1942، لأسرة متواضعة متكونة من ثمانية أفراد.
نشأ وسط أفراد عائلته وأبناء حيه، وكبر بين أحضان مدينة تيزي وزو وشوارعها أين كان يمارس مختلف المهن والحرف لتلبية احتياجات الأسرة.
هو الشاب تربى على الإيقاع منذ صغره، وتفتحت براعمه الفنية مبكراً، عندما تأثر بكبار الأغنية الجزائرية والقبائلية، لينمو عشقه للفن ويصنع آلة ڨيتار بسيطة تعلم من خلالها الموسيقى، ومع الوقت استطاع أن يتعلم العزف على عدة آلات موسيقية مختلفة لاسيما آلة العود.
وهو في ريعان شبابه، يحط الرحال بفرنسا سنة 1958، واستقر بمدينة باريس، أين تعززت موهبته الفنية وصار عازفاً محترفاً على آلة العود. شاءت الأقدار أن يلتقي بعمالقة الفن الشعبي وكبار المطربين أمثال دحمان الحراشي، سليمان عازم، آكلي يحياتن، الشيخ الحسناوي… وغيرهم ممن رعوا موهبته وشجعوه على مواصلة دربه في عالم الكتابة والتلحين، وقد رافقهم على مدار السنوات في العديد من الحفلات والسهرات الفنية.
وفي نفس الوقت كان يكتب ويلحن أغانيه الخاصة، وهو ما قربه أكثر من الجمهور، ومن أشهر روائعه أغنية “فرج يا ربي فرج” أو “صابون نتناش” الأغنية التي لا يستغنى عنها في الأفراح، والتي بفضلها خطى أولى خطواته نحو النجومية وصار اِسماً لامعاً في سماء الأغنية القبائلية، ليتوجه الجمهور نجماً من الصف الأول.
كانت له الفرصة في التقاء عدة ملحنين ومؤلفين مبدعين أمثال العملاق محبوب باتي الذي زوده بأربع أغاني، واحتك كذلك بالفنان كمال حمادي سنة 1963 الذي تعامل معه في العديد من المناسبات، وكان له الفضل في ازدياد شهرته، فقد زوده بالعديد من الروائع الفنية التي صنعت جزءاً من نجوميته خلال الستينات والسبعينات.
تألق رشيد مصباحي في الأغنية القبائلية، ودائماً ما كانت تأتي أعماله قمة في الإبداع. هو الفنان الذي تتحدث أعماله الفنية عنه، فقد حققت روائعه الغنائية نجاحاً جماهيرياً كبيراً لدى محبي الكلمة الملتزمة واللحن الشجي، وظلت راسخة في الذاكرة الشعبية الجزائرية.
أحيى العديد من الحفلات في الجزائر وخارجها، وتم تكريمه عدة مرات من طرف الجمعيات الفنية والثقافية نظير خدمته للفن الجزائري الأصيل.
فقد غنى عن مواضيع شتى كالغربة، الصداقة والوفاء، الحب، الفرح، الوطن… أمل عن الأم فغنى رائعة “أ يما عزيزن” أين عبر فيها عن شوقه الكبير لأمه وهو في ديار الغربة، وتلتها أغاني أخرى منها أغنية “روح أنفيي” (دعني وشأني)، “أي إيذورار تمورثيو” (يا جبال بلادي)، “تشڨعييد يما تابرات” (أرسلت لي أمي رسالة)، “أيا نكار لحسان” (يا ناكر الجميل)… وأغاني أخرى رددتها أجيال ولا تزال وتبقى خالدة في السجل الثقافي الأصيل.




thank you