معزوز بوعجاج… عملاق الشعبي وصوت مستغانم الأصيل

كانت مدينة مستغانم في وقت مضى مهداً للفن وقطباً هاماً للثقافة الجزائرية، فقد أنجبت عدداً من الفنانين العمالقة والمبدعين في مختلف الفنون، مثل رواد المسرح ولد عبد الرحمان كاكي ومصطفى قصدرلي ونادية طالبي، وفي الطرب أنجبت الشيخ حمادة والشيخ الجيلالي عين تادلس… وكذلك الفنان المجاهد معزوز بوعجاج أحد كبار مطربي أغنية الشعبي وواحد من أعمدة الفن في مستغانم على مدار عقود من الزمن.
معزوز بوعجاج عملاق الشعبي الأصيل، من مواليد يوم 16 جانفي سنة 1935 بحي تجديت بقلب مدينة مستغانم. نشأ وسط أسرة محافظة ومتواضعة، وزاول دراسته في المدرسة الإبتدائية “كوندورسي” Condorcet ليتحصل على شهادة التعليم سنة 1948.ثم تلقى تكويناً في ميدان الصيدلة، وأصبح بعدها محضراً صيدلياً.
ولكونه ابن مدينة الأصالة الفنية، انجذب إلى فن الشعبي منذ شبابه، وتعلم أصول الموسيقى وكذلك العزف على آلات مختلفة منها آلة الناي. كما أنه كان يحرص على حضور حفلات وجلسات فنية شعبية لعمالقة الفن في مستغانم أمثال الفنان بلقاسم ولد العيد وعبد الرحمان بن عيسى… فتذوق من فنهم، وتشبع بالموسيقى والطرب، كما تتلمذ على أيدي هؤلاء الذين رعوا موهبته، وحفظ قصائد كبار شعراء الجزائر وغنى لهم جميعاً.
ليصير منذ مطلع الخمسينات نجماً صاعداً للأغنية الشعبية عندما أسس جوقاً موسيقياً لإحياء السهرات والأفراح… فهو ينتمي إلى جيل كل من الهاشمي ڨروابي، عمار العشاب، بوجمعة العنقيس وغيرهم ممن احتك بهم وأحيى رفقتهم عدة حفلات وسهرات لا تنتسى.
ففي سنة 1964 قام بأول جولة فنية به في أوروبا مع فرقة ولد عبد الرحمان كاكي، وقد كللت له بالنجاح.
تأثر برواد الشعبي أمثال الحاج محمد العنقى، الشيخ حسيسن، والحاج منور. كما أنه احتك بالشيخ حمادة وتعلم منه عدة قصائد من الشعر الملحون.
صوته كأنه موج بحر طويل ومتكامل لنظم لخضر بن خلوف وعبد القادر الخالدي وبن مسايب وعدة شعراء من الغرب الجزائري.
سجل أول أسطوانة له سنة 1974، فأبدع في الطابع الشعبي وساهم في تطويره وإثرائه محافظاً على التراث والأصالة الفنية، فقد اشتهر بأداء عدة قصائد راسخة في الذاكرة الفنية الجزائرية منها قصيدة “ولفي مريم”، “خلخال عويشة”، “تاه فالداج نعاسي”، “اتهلا في وصايتي”، “وصية لخضر بن خلوف”، “كل نور”، “يوم الجمعة خرجوا الريام”… وغيرها من قصائد التراث الشعبي العريق والشعر الملحون في رصيد غنائي يفوق 250 أغنية.
كرم الفنان معزوز بوعجاج عدة مرات من طرف وزارة الثقافة والجمعيات الفنية، وهذا لكونه رمزاً من رموز الفن الشعبي الذي تنهل منه الأجيال، وصاحب إرث فني لا يندثر أبداً.




thank you