عرفاناً وتقديراً لمشوار الفنانة القديرة نادية طالبي… سيدة المسرح والشاشة

هي إحدى قامات الفن الجزائري التي احترفت التمثيل منذ الصغر، وتقمصت مختلف الأدوار ونجحت في إبراز موهبتها في المسرح والإذاعة والسينما والتلفزيون على مدى عقود من الزمن، لتكون اليوم سيدة من سيدات الشاشة والخشبة في الساحة الفنية الجزائرية.
هي الفنانة القديرة نادية طالبي، زوجة المخرج بن أعمر بختي، ابنة الغرب الجزائري المولودة يوم 30 جويلية سنة 1944 بسيدي علي بمستغانم.
تفتحت براعمها الفنية مبكراً، واستطاعت ولوج عالم التمثيل وهي صغيرة عندما صعدت للمرة الأولى ركح المسرح لأداء دور الفتاة “صفية” ضمن مسرحية تحكي حياة ومعاناة فتاة في بيئة محافظة، وقد كانت البداية لمسيرة فنية طويلة وثرية عمرها أكثر من نصف قرن.
فكانت أولى خطواتها نحو النجومية، وقد احتضن المعهد البلدي لمدينة وهران نادية طالبي ورعى موهبتها، أين كانت تتلقى دروساً في التمثيل وفنون أخرى كالغناء والرقص. وفي نفس الوقت كانت تتمرن وتتدرب باستمرار في قبو صغير أكثر ما يقال عنه متواضع.
لتلتحق بعد ذلك بالمسرح الوطني الجزائري في مطلع الستينات، واعتلت الخشبة لتشارك في مسرحية Montserrat للمخرج الفرنسي “إيمانويل روبليس” Emmanuel Roblès أين حصلت على دور “هيلين”، وفي عدة أعمال مسرحية أخرى كمسرحية “الكلاب” التي نالت الجائزة المسرحية المغاربية الأولى وهي من إخراج المخرج “طوني برولن”Tony Brulin، ومسرحية “احمرار الفجر” سنة 1969، “إبليس الأعور” سنة 1970، “المتعصبون” سنة 1975، وفي الثمانينات تقمصت أدواراً في مسرحيات أخرى منها “يا ستار وارفع الستار” سنة 1982، “قالوا العرب قالوا” سنة 1983، “موت التاجر المتجول” سنة 1987… والقائمة لا زالت طويلة. وقد بلغ مجموع رصيدها المسرحي الخمسين مسرحية، أثبتت فيها مهارتها واحترافيتها في التمثيل المسرحي، ليكون اسمها رمزاً من رموز الخشبة. فقد وقفت إلى جانب عمالقة الفن الجزائري أمثال سيدعلي كويرات، العربي زكال، سيد أحمد أڨومي وعبد القادر علولة… واحتكت بفنانات الزمن الجميل كالسيدة كلثوم ونورية وتعلمت منهن الكثير عن ميدان التمثيل.
كما كان للسيدة نادية طالبي ظهوراً لامعاً في عالم السينما مثبتةً احترافيتها في التمثيل السينمائي ما قربها أكثر إلى الجمهور خاصة في فيلم “وقائع سنين الجمر” سنة 1975 المتوج بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، وكانت لها إطلالة في فيلم “ريح الرمال” سنة 1979، فيلم “امرأة لاِبني” سنة 1982، وفيلم “بوعمامة” سنة 1985 وفيلم “الخردجي” سنة 1996.
وكانت على موعد مع نجاح مستحق بسبب مشاركتها في العديد من المسلسلات والأعمال الدرامية على شاشة التلفزيون، خاصة في مسلسل “المصير” سنة 1988، ومسلسلات أخرى نذكر منها “جحا”، “حنان إمرأة”، “إيقربوشن” سنة 2003، و في مسلسل “شهرة” سنة 2006، كما شاركت مع نجوم صاعدة في عدة أعمال منها “دموع القلب” سنة 2012، مسلسل “الجيران”، و في سيتكوم “الغيرة ميمونة” سنة 2015 وفي مسلسل “سامحيني” سنة 2020… كلها أعمال فنية راقية تليق بمقام السيدة نادية طالبي، التي توجت بها مسيرتها الفنية لتكون نموذجاً للفنان المحترف ومثالاً للأجيال المتعاقبة.
كرمت عدة مرات من طرف وزارة الثقافة والجمعيات الفنية، كما أن دورة المهرجان الوطني للمسرح المحترف لسنة 2024 قد حملت اسم “نادية طالبي” عرفاناً وتقديراً لمشوار هذه السيدة التي خدمت الثقافة الجزائرية وأدت رسالة الفن الأصيل بإخلاص.




